فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَيْنِ أَنَّهَا حَقٌّ وَفِي الاِغْتِسَالِ لِمَنْ بُلِيَ بِهَا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وُضِعَ مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرُعَاتِ الْجَنَّةِ وَمَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَبَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَقَدْ حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقَطْعِيُّ‏,‏ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي وَأَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ هَذَا وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏,‏ وَإِنَّ قَوَائِمَ مِنْبَرِي عَلَى رَوَاتِبَ فِي الْجَنَّةِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَهَذَا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ يَقُولُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ‏:‏ إنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنْ مَالِكٍ أَحَدٌ غَيْرُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى هَذَا‏,‏ وَغَيْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ الصَّائِغِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ يُونُسُ بِالشَّكِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏,‏ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ‏,‏ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏,‏ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ‏,‏ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ بِلاَ شَكٍّ ذَكَرَهُ فِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ سَوَاءٌ وَذَكَرَهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَحَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْكُوفِيُّ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي وَمَا بَيْنَ بَيْتِي وَبَيْنَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَصَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا كَأَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ قَالَ‏:‏ قَالَ وَحَدَّثَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ رِفَاعَةَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلَهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَالاَ‏:‏ ثنا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَرَفِيٍّ مَوْلَى آلِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَالاَ‏:‏ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ مَا بَيْنَ مِنْبَرِي وَبَيْنَ بَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ مِنْبَرِي إلَى بَيْتِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ‏,‏ وَإِنَّ مِنْبَرِي لَعَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ هَذِهِ الآثَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَبْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْبَرَهُ خَارِجَانِ عَنْ الرَّوْضَةِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا خَارِجَيْنِ مِنْ الرَّوْضَةِ كَمَا ذَكَرَ وَيَكُونَ مِنْبَرُهُ عَلَى مَا قَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي قَدْ رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ قَوَائِمَهُ رَوَاتِبُ فِي الْجَنَّةِ فَيَكُونَ مِنْ الْجَنَّةِ فِي خِلاَفِ الرَّوْضَةِ‏.‏

وَقَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ يَعْنِي الْوَاسِطِيَّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي الْقَارِيَّ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إنَّ مِنْبَرِي هَذَا عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ قَالَ فَقَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ أَتَدْرُونَ مَا التُّرْعَةُ‏؟‏ هِيَ الْبَابُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مِنْبَرَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجَنَّةِ عَلَى خِلاَفِ الرَّوْضَةِ‏,‏ وَهِيَ التُّرْعَةُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَيَكُونُ قَبْرُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْجَنَّةِ إمَّا فِي رَوْضَةٍ سِوَى تِلْكَ الرَّوْضَةِ مِمَّا هُوَ أَجَلُّ مِنْهَا وَأَنْعَمُ وَأَرْفَعُ مِقْدَارًا‏;‏ لأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْبَرُهُ بَلَّغَهُ اللَّهُ، تَعَالَى، بِجُلُوسِهِ وَبِقِيَامِهِ عَلَيْهِ مَا بَلَّغَهُ كَانَ قَبْرُهُ الَّذِي قَدْ تَضَمَّنَ بَدَنَهُ فَصَارَ لَهُ مَثْوًى بِذَلِكَ أَوْلَى وَبِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَحْرَى‏,‏ وَالْجَنَّةُ فِيهَا رَوْضَاتٌ لاَ رَوْضَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا قَالَ‏:‏ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي كِتَابِهِ {وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} فَيَجُوزُ إنْ كَانَ قَبْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَوْضَةٍ مِنْ هَذِهِ الرَّوْضَاتِ أَنْ تَكُونَ رَوْضَةً فَوْقَ الرَّوْضَةِ الَّتِي بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ‏,‏ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ الرَّوْضَةِ مِمَّا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَا يَجْمَعُ الرَّوْضَةَ وَغَيْرَهَا مِمَّا شَرَّفَهُ اللَّهُ، تَعَالَى، بِهِ وَأَعْلَى بِهِ مَنْزِلَتَهُ‏,‏ وَأَثَابَهُ بِهِ عَنْ سَائِرِ النَّاسِ سِوَاهُ وَاخْتَصَّهُ بِهِ دُونَ بَقِيَّتِهِمْ‏.‏

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ‏,‏ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ هَذِهِ الآثَارِ‏,‏ وَعَلَى مَا فِي سِوَاهُ مِنْهَا مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَكَانَ تَصْحِيحُهُمَا يَجِبُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْتُهُ هُوَ قَبْرَهُ‏,‏ وَيَكُونَ ذَلِكَ عَلاَمَةً مِنْ عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ جَلِيلَةَ الْمِقْدَارِ‏;‏ لأَنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ أَخْفَى عَلَى كُلِّ نَفْسٍ سِوَاهُ صلى الله عليه وسلم الأَرْضَ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا‏;‏ بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ فِي كِتَابِهِ {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} فَأَعْلَمَهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ يَمُوتُ وَالْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ قَبْرُهُ حَتَّى عَلِمَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَحَتَّى أَعْلَمَهُ مَنْ أَعْلَمَهُ مِنْ أُمَّتِهِ فَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ لاَ مَنْزِلَةَ فَوْقَهَا زَادَهُ اللَّهُ شَرَفًا‏,‏ وَخَيْرًا وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهِ حَسَنًا وَحُسَيْنًا رضي الله عنهما مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ‏,‏ وَهَامَّةٍ‏,‏ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْمِنْهَالِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ‏,‏ وَهَامَّةٍ‏,‏ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ هَكَذَا كَانَ إبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ ابْنَيْهِ إسْمَاعِيلَ‏,‏ وَإِسْحَاقَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لاَ هَامَةَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ‏,‏ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالاَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَجْلاَنَ قَالَ حَدَّثَنِي الْقَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ مِقْسَمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ رَبِيعَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لاَ هَامَ لاَ هَامَ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ‏:‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ عَدْوَى‏,‏ وَلاَ صَفَرَ‏,‏ وَلاَ هَامَةَ قَالَ‏:‏ فَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ نَفْيُهُ الْهَامَةَ‏,‏ وَفِي ذَلِكَ نَفْيُ وُجُودِهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّذَهُمَا مِنْ مَعْدُومٍ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الْهَامَّةَ الَّتِي عَوَّذَهُمَا صلى الله عليه وسلم مِنْهَا هِيَ هَوَامُّ الأَرْضِ الَّتِي يُخَافُ غَوَائِلُهَا وَالْهَامَةُ الَّتِي نَفَاهَا هِيَ خِلاَفُهَا وَهِيَ مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُهُ فِي مَوْتَاهَا إنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ‏:‏ إنَّ عِظَامَ الْمَوْتَى تَصِيرُ هَامَةً فَتَطِيرُ حَتَّى ذُكِرَ ذَلِكَ فِي أَشْعَارِهَا فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَثَى بِهِ لَبِيدُ أَخَاهُ أَرْبَدَ بِقَوْلِهِ فَلَيْسَ النَّاسُ بَعْدَك فِي نَقِيرٍ وَلاَ هُمْ غَيْرُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ وَمِنْ ذَلِكَ شِعْرُ أَبِي دَاوُد الإِيَادِيِّ سُلِّطَ الْمَوْتُ وَالْمَنُونُ عَلَيْهِمْ فَلَهُمْ فِي صَدَى الْمَقَابِرِ هَامُ فَنَفَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ‏.‏

وَأَمَّا الْهَامَّةُ الَّتِي عَوَّذَ مِنْهَا حَسَنًا وَحُسَيْنًا فَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ هَوَامُّ الأَرْضِ الْمَخُوفَةِ‏,‏ وَهِيَ مُشَدَّدَةُ الْمِيمُ‏,‏ وَالْهَامَةُ الَّتِي نَفَاهَا مُخَفَّفَةُ الْمِيمِ فَلَيْسَتْ مِنْهَا فِي شَيْءٍ وَمِمَّا ذَكَرَتْهُ الْعَرَبُ فِي أَشْعَارِهَا فِي الْهَامِ أَيْضًا قَوْلُ الَّذِي قَالَ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا وَكَيْفُ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ‏:‏ كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي كِلاَبٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ بَكْرٍ فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِي قَالَ‏:‏ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ يَرْثِي بِهَا كُفَّارَ أَهْلِ بَدْرٍ‏.‏

وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ مِنْ الشِّيزَى يُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ مِنْ الْقَيْنَاتِ وَالسِّرْبِ الْكِرَامِ تُحْيَيْ بِالسَّلاَمَةِ أُمُّ بَكْرٍ وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلاَمِ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لاَ تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا ظَنَّ هَذَا الْجَاهِلُ أَنَّهُ قَدْ تَضَادَّ مِنْ أَقْوَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَانْصَرَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْهَامَّةِ وَمِنْ الْهَامِ الَّذِي صَرَفْنَا وَجْهَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى مَا صَرَفْنَاهُ إلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَيْنِ أَنَّهَا حَقٌّ وَفِي الاِغْتِسَالِ لِمَنْ بُلِيَ بِهَا

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعَيْنُ حَقٌّ‏,‏ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقُ الْقَدَرِ سَبَقَتْ الْعَيْنُ وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأَشْعَثِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْثَرُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ كَانُوا يَأْمُرُونَ الْمُعِينَ‏,‏ فَيَتَوَضَّأَ‏,‏ فَيَغْسِلَ بِهِ الْمُعَانُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ فَقَالَ الْمُعِينُ‏,‏ وَالْمُعَانُ وَاَلَّذِي نَحْفَظُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْفَاعِلَ مِنْ الْعَيْنِ عَائِنٌ‏,‏ وَالْمَفْعُولُ بِهِ مَعْيُونٌ وَيَنْشُدُ قَدْ كَانَ قَوْمُك يَحْسِبُونَك سَيِّدًا وَإِخَالُ أَنَّك سَيِّدٌ مَعْيُونُ وَرُبَّمَا رَدَّ بَعْضُهُمْ الْمَفْعُولَ مِنْهُ إلَى فَعِيلٍ مِثْلُ مَكِيلٍ وَمَبِيعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ‏,‏ فَيَقُولُونَ‏:‏ مَعِينٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ‏:‏ مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ‏,‏ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ سَهْلٌ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ‏,‏ وَلاَ جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقِيلَ لَهُ‏:‏ أَدْرِكْ سَهْلاً صَرِيعًا فَقَالَ‏:‏ مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ‏؟‏ فَقَالُوا عَامِرٌ فَقَالَ‏:‏ عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ‏؟‏‏,‏ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ لَهُ وَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إزَارِهِ وَيَصُبَّ عَلَيْهِ وَيَكْفَأَ الإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ قَالَ لَنَا سُفْيَانُ وَقَالُوا عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ وَلَمْ أَحْفَظْ‏:‏ فَرَاحَ مَعَ الْمَوْكِبِ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏,‏ وَزَادَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ‏.‏

قَالَ لَنَا يُونُسُ‏:‏ قَالَ لَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ مَالِكٌ دَاخِلَةُ الإِزَارِ‏:‏ الَّتِي تَحْتَ الإِزَارِ مِمَّا يَلِي الْجَسَدَ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ‏:‏ اغْتَسَلَ أَبِي سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخِرَارِ‏,‏ فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ قَالَ وَكَانَ سَهْلٌ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ فَقَالَ لَهُ عَامِرُ‏:‏ مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ قَطُّ وَلاَ جِلْدَ عَذْرَاءَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَامِرًا مَرَّ بِهِ‏,‏ وَهُوَ يَغْتَسِلُ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَعْفَرٍ وَهُوَ ابْنُ بُرْقَانَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ رَأَى سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ‏,‏ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْجِعْرَانَةِ يَغْتَسِلُ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَزَادَ قَالَ‏:‏ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَالْغُسْلُ الَّذِي أَدْرَكَنَا عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا يَصِفُونَهُ أَنْ يُؤْتَى الرَّجُلُ الَّذِي يُعِينُ صَاحِبَهُ الْقَدَحَ فِيهِ الْمَاءُ‏,‏ فَيُمْسَكَ لَهُ مَرْفُوعًا مِنْ الأَرْضِ‏,‏ فَيُدْخِلَ الَّذِي يُعِينُ صَاحِبَهُ يَدَهُ الْيُمْنَى فِي الْمَاءِ‏,‏ فَيَصُبَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنْهُ وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلَ يَدَهُ الْيُسْرَى فِي الْمَاءِ‏,‏ فَيَغْسِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَى الْمَرْفِقِ بِيَدِهِ الْيُسْرَى مِنْهُ وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَهُ الْيُمْنَى‏,‏ فَيَغْسِلَ يَدَهُ الْيُسْرَى إلَى الْمَرْفِقِ صَبَّةً وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فِي الْمَاءِ‏,‏ فَيَغْسِلَ صَدْرَهُ صَبَّةً وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلَ يَدَهُ فَيُمَضْمِضَ‏,‏ ثُمَّ يَمُجَّهُ فِي الْقَدَحِ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَيَغْرِفَ مِنْ الْمَاءِ‏,‏ فَيَصُبَّهُ عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى صَبَّةً وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلَ يَدَهُ الْيُسْرَى‏,‏ فَيَصُبَّ عَلَى مَرْفِقِ يَدِهِ مِنْهُ وَاحِدَةً فِي الْقَدَحِ‏,‏ وَهُوَ ثَانٍ يَدَهُ إلَى عُنُقِهِ‏,‏ ثُمَّ يَفْعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَرْفِقِ يَدِهِ الْيُسْرَى‏,‏ ثُمَّ يَفْعَلَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ قَدَمِهِ الْيُمْنَى مِنْ عِنْدِ أُصُولِ الأَصَابِعِ وَالْيُسْرَى كَذَلِكَ‏,‏ ثُمَّ يُدْخِلَ يَدَهُ الْيُسْرَى‏,‏ فَيَصُبَّ عَلَى ظَهْرِ رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى‏,‏ ثُمَّ يَفْعَلَ بِالْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ‏,‏ ثُمَّ يَغْمِسَ دَاخِلَةَ إزَارِهِ الْيُمْنَى فِي الْمَاءِ‏,‏ ثُمَّ يَقُومَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْقَدَحُ بِالْقَدَحِ حَتَّى يَصُبَّهُ عَلَى رَأْسِ الْمَعْيُونِ مِنْ وَرَائِهِ‏,‏ ثُمَّ يَكْفَأَ الْقَدَحَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ وَرَاءَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الأَيْلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَلاَمَةُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى مَا فِيهِ مِنْ صِفَةِ الْغُسْلِ‏,‏ وَلاَ نَعْلَمُهُ رُوِيَ فِي الاِغْتِسَالِ مِنْ الْعَيْنِ غَيْرُ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهِ فَأَمَّا مَا رُوِيَ فِي الْعَيْنِ أَنَّهَا حَقٌّ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْغُسْلِ فَقَدْ رُوِيَتْ ذَلِكَ فِي آثَارٍ مِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا طَالِبُ بْنُ حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَهْلٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ مَنْ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَ كِتَابِ اللهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ بِالأَنْفُسِ‏.‏

وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ‏:‏ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَعْنِي الرَّهَاوِيَّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِيسَى عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ هِنْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ خَرَجْت أَنَا وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ نَلْتَمِسُ الْخَمْرَ فَأَصَبْنَا غَدِيرًا خَمْرًا فَكَانَ أَحَدُنَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَتَجَرَّدَ وَأَحَدٌ يَرَاهُ وَاسْتَتَرَ حَتَّى إذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ نَزَعَ جُبَّةَ صُوفٍ عَلَيْهِ فَنَظَرْت إلَيْهِ فَأَعْجَبَنِي خَلْقُهُ فَأَصَبْتُهُ بِعَيْنٍ فَأَخَذَتْهُ قَعْقَعَةٌ فَدَعَوْتُهُ فَلَمْ يُجِبْنِي فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ قُومَا فَرَفَعَ عَنْ سَاقَيْهِ حَتَّى خَاضَ إلَيْهِ الْمَاءَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَضَحِ سَاقَيْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضَرَبَ صَدْرَهُ وَقَالَ‏:‏ بِسْمِ اللهِ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ حَرَّهَا وَبَرْدَهَا وَوَصَبَهَا قِفْ بِإِذْنِ اللهِ فَقَامَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اكْتَفَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِسَهْلٍ بِالدُّعَاءِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَمْرُهُ عَامِرًا بِالاِغْتِسَالِ لَهُ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَهُمَا لَهُ جَمِيعًا وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَدْرَكَ سَهْلاً فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ عَامِرٍ مَا أَدْرَكَهُ مِنْهُ فَفَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا فَعَلَ فِيهَا مِنْ دُعَاءٍ‏,‏ وَمِنْ أَمْرٍ بِاغْتِسَالٍ‏,‏ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الاِغْتِسَالُ كَانَ‏,‏ ثُمَّ نُسِخَ بِغَيْرِهِ‏.‏

مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد‏,‏ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد جَمِيعًا قَالاَ ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ وَعَيْنِ الإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَهُمَا‏,‏ وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ مِنْهَا أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَضْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بْنَ شَدَّادٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ‏:‏ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَسَتَرْقِي مِنْ الْعَيْنِ‏,‏ وَمِنْهَا مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَحْيَى قَالاَ‏:‏ ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَقَاهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ بِسْمِ اللهِ أَرْقِيك مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيك‏,‏ وَمِنْ كُلِّ حَاسِدٍ وَعَيْنٍ وَاَللَّهُ يَشْفِيك‏.‏

قَالَ‏:‏ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ الاِكْتِفَاءُ بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ‏,‏ وَبِالرُّقَى‏,‏ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى نَسْخِ الْغُسْلِ لاَ سِيَّمَا مَا فِي حَدِيثِ عَبَّادٍ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ عَيْنِ الْجَانِّ‏,‏ وَعَيْنِ الإِنْسِ فَلَمَّا نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ أَخَذَهُمَا‏,‏ وَتَرَكَ مَا سِوَى ذَلِكَ فَفِيهِ نَسْخُ الْغُسْلِ‏,‏ وَمَا سِوَاهُ مِمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ نُزُولِهِمَا عَلَيْهِ وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْحَبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَبْوَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْتَبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ‏,‏ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَحْتَبِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ‏,‏ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ‏,‏ وَرُبَّمَا نَعَسَ حَتَّى يَضْرِبَ بِجَبْهَتِهِ حَبْوَتَهُ‏,‏ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ‏:‏ كُنْت بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَمُعَاوِيَةُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَكُلُّهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَيْتُهُمْ مُحْتَبِينَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعُدُ أَنْ يَخْفَى عَنْ جَمَاعَتِهِمْ فَفِي اسْتِعْمَالِهِمْ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذِهِ الآثَارِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى النَّهْيِ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ الْحَبْوَةَ الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا‏,‏ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ‏;‏ لأَنَّهُمْ مَأْمُونُونَ عَلَى مَا فَعَلُوا كَمَا هُمْ مَأْمُونُونَ عَلَى مَا رَوَوْا‏,‏ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ الأَوْلَى بِنَا أَنْ نَحْمِلَهَا عَلَى الْحَبْوَةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ‏;‏ لأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي الْخُطْبَةِ الاِشْتِغَالُ بِغَيْرِهَا‏,‏ وَالإِقْبَالُ عَلَى مَا سِوَاهَا‏,‏ وَتَكُونُ الْحَبْوَةُ الَّتِي كَانُوا يَفْعَلُونَهَا حَبْوَةً كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ‏,‏ فَيَخْطُبُ الإِمَامُ‏,‏ وَهُمْ فِيهَا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا‏,‏ وَهُمْ عَلَيْهَا وَيَكُونُ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَأْنِفُونَهُ‏,‏ وَإِمَامُهُمْ يَخْطُبُ‏,‏ فَيَكُونُونَ بِذَلِكَ مُتَشَاغِلِينَ عَنْ الإِقْبَالِ عَلَى مَا أُمِرُوا بِالإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَدَدِ يَقْدُمُونَ عَلَى الإِمَامِ فِي دَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ مَا غَنِمَ فِيهَا غَنَائِمَ‏,‏ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا‏,‏ وَلَمْ يَقْسِمْهَا‏,‏ وَلَمْ يَبِعْهَا هَلْ يُشْرِكُونَ مَنْ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَنَائِمِ أَمْ لاَ‏؟‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَنْبَسَةَ بْنَ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ قَالَ‏:‏ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا فَتَحَهَا‏,‏ وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ فَقَالَ أَبَانُ‏:‏ اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ‏:‏ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقُلْت‏:‏ لاَ تَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ‏:‏ أَبَانُ أَنْتَ بِهَا يَا وَبْرُ تَحْدِرُ عَلَيْنَا مِنْ رَأْسٍ ضَالٍّ فَقَالَ‏:‏ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اجْلِسْ يَا أَبَانُ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ‏:‏ سَمِعْت الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ هَكَذَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد‏,‏ وَإِنَّمَا يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فِي سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا فَتَحَ خَيْبَرَ فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْسِمَ لَنَا شَيْئًا‏.‏

هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُد أَيْضًا‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ شَيْئًا‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَر ٍ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْسِمَ لَهُ‏,‏ وَلأَصْحَابِهِ هُوَ أَبَانُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ كَانَ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَأَلَ الزُّهْرِيَّ‏,‏ وَأَنَا حَاضِرٌ قَالَ‏:‏ سُفْيَانُ لَمْ أَحْفَظْهُ،قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ‏:‏ قَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَصْحَابُهُ خَيْبَرَ بَعْدَمَا فُتِحَتْ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهَا فَسَأَلَهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِي الْغَنِيمَةِ فَكَلَّمَ بَعْضَ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ فَقَالَ وَا عَجَبًا ‏[‏ يَنْعِي ‏]‏ عَلَى قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمُهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ‏,‏ وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ ذَكَرَهُ سُفْيَانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَغَيْرِهِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَدِمْت عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَأَصْحَابِهِ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا افْتَتَحُوهَا فَسَأَلْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْهِمَ لِي مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ‏:‏ لاَ تُسْهِمْ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ فَقُلْت‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ فَقَالَ سَعِيدٌ وَاعَجَبَاهُ لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قُدُومِ ضَأْنٍ يَنْعِي عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيَّ‏,‏ وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ سُفْيَانُ لاَ أَدْرِي أَوْ لاَ أَحْفَظُ أَسْهَمَ لَهُ أَوْ لَمْ يُسْهِمْ‏.‏

قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ سَمِعْت إسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ سَأَلَ عَنْهُ الزُّهْرِيَّ وَأَنَا حَاضِرٌ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَوَقَعَ هَذَا الاِخْتِلاَفُ فِي السَّائِلِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا سَأَلَهُ إيَّاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ هُوَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَيُّ ذَلِكَ كَانَ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خُثَيْمُ بْنُ عِرَاكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ هُوَ وَنَفَرٌ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ قَدِمْنَا وَقَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى خَيْبَرَ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ رَجُلاً مِنْ بَنِي غِفَارٍ يُقَالُ لَهُ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ فَأَتَيْنَاهُ‏,‏ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلاَةَ الْغَدَاةِ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الآُولَى كهيعص وَفِي الثَّانِيَةِ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَقُولُ وَأَنَا فِي الصَّلاَةِ وَيْلٌ لأَبِي فُلاَنٍ لَهُ مِكْيَالاَنِ إذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي‏,‏ وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ فَلَمَّا فَرَغْنَا مِنْ صَلاَتِنَا أَتَيْنَا سِبَاعًا فَزَوَّدَنَا شَيْئًا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ فَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ فَأَشْرَكَنَا فِي سِهَامِهِمْ‏.‏

قَالَ‏:‏ فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ السَّائِلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ لاَ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ‏.‏

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى مِنْ الْفِقْهِ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ‏,‏ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تُوجِبُ لِمَنْ كَانَتْ حَالُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَحَالِ أَبَانَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الآثَارِ الدُّخُولَ فِي الْغَنِيمَةِ الْمَغْنُومَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ‏;‏ لأَنَّ الإِمَامَ مُقِيمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ‏,‏ لاَ يَأْمَنُ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَدُوِّ‏,‏ فَيَأْخُذَ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَحَاجَتُهُ إلَى الْمَدَدِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُمْ يُوجِبُونَ لَهُمْ الشَّرِكَةَ فِي تِلْكَ الْغَنَائِمِ‏.‏

وَمِنْ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ رحمهم الله وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لاَ يُشْرِكُونَهُمْ فِي تِلْكَ الْغَنَائِمِ‏,‏ وَهُمْ الأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رحمهم الله‏.‏

وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ رضي الله عنهما كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ أَنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ غَزَوْا نَهَاوَنْدَ فَأَمَدَّهُمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ فَظَهَرُوا فَأَرَادَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ أَلَّا يَقْسِمُوا لأَهْلِ الْكُوفَةِ وَكَانَ عَمَّارٌ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُطَارِدَ أَيُّهَا الأَجْدَعُ تُرِيدُ أَنْ تُشَارِكَنَا فِي غَنَائِمِنَا فَقَالَ‏:‏ خَيْرَ أُذُنَيَّ سَبَبْتَ قَالَ فَكَتَبَ بِذَلِكَ إلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَأَجْمَعَتْ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا أَنَّ الإِمَامَ لَوْ كَانَ فَتَحَ تِلْكَ الدَّارَ حَتَّى صَارَتْ كَدَارِ الْمُسْلِمِينَ وَحَتَّى أَمِنَ مِنْ الْعَدُوِّ وَعَوْدِهِمْ إلَيْهَا وَقَتَالِهِمْ إيَّاهُ عَلَى مَا غَنِمَهُ مِنْهُمْ فِيهَا‏,‏ ثُمَّ لَحِقَهُمْ ذَلِكَ الْمَدَدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لاَ يُشْرِكُونَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ الَّتِي غَنِمُوهَا قَبْلَ لِحَاقِهِمْ بِهِمْ وَقُدُومِهِمْ عَلَيْهِ‏.‏

ثُمَّ نَظَرْنَا فِي السَّبَبِ الَّذِي بِهِ مَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَانَ أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنْ إدْخَالِهِ فِي تِلْكَ الْغَنِيمَةِ مَا هُوَ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ‏;‏ لأَنَّ خَيْبَرَ قَدْ كَانَتْ صَارَتْ قَبْلَ لِحَاقِهِمْ بِهِ وَقُدُومِهِمْ عَلَيْهِمْ دَارَ إسْلاَمٍ فَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقُدُومِهِمْ عَلَيْهِ حَاجَةٌ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ بِذَلِكَ‏,‏ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ‏;‏ لأَنَّ خَيْبَرَ كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَهَا أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ بِقَوْلِهِ وَعَدَكُمْ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا يُرِيدُ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ يَعْنِي خَيْبَرَ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ‏:‏ مَا شَهِدْت لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَغْنَمًا إِلاَّ قَسَمَ لِي إِلاَّ خَيْبَرَ فَإِنَّهَا كَانَتْ لأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً‏.‏

قَالَ‏:‏ وَكَانَ تَرْكُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِسْمَةَ فِي ذَلِكَ لأَبَانَ أَوْ لأَبِي هُرَيْرَةَ‏;‏ لأَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَفِي سُؤَالِ أَبَانَ أَوْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقْسِمَ لَهُ‏,‏ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقِيهٌ‏,‏ وَتَرْكُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنْكَارَهُ ذَلِكَ السُّؤَالَ عَلَيْهِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْ مُحَالاً‏;‏ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ سَأَلَ مُحَالاً لَقَالَ لَهُ وَكَيْفَ أُسْهِمُ لَك‏,‏ وَلَمْ تَشْهَدْ الْقِتَالَ الَّذِي كَانَتْ عَنْهُ تِلْكَ الْغَنِيمَةُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ وَكَيْفَ تَكُونُ تِلْكَ الْغَنِيمَةُ لأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَدْ أَشْرَكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عِرَاكٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ‏؟‏‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ‏:‏ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَحْتَمِلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي كَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ حَتَّى سَمَحُوا بِهِ هُمْ أَهْلُ الْحُدَيْبِيَةِ‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ‏:‏ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ فَقَسَمَ لَنَا‏,‏ وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدْ الْفَتْحَ غَيْرِنَا قَالَ‏:‏ فَهَذَا أَيْضًا مُحْتَمِلٌ أَنْ يَكُونَ قَسَمَ لَهُمْ بِكَلاَمِهِ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ فِيهِمْ حَتَّى سَمَحُوا بِذَلِكَ لَهُمْ‏,‏ وَاَللَّهُ، تَعَالَى، أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الأَمْرِ كَانَ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏